من اليمن الى لبنان الى السودان الى فلسطين المحتلة، الى الصومال، الى مصر العربية، الى باكستان، الى أفغانستان، الى المغرب العربي، يتجلى بوضوح ما خلفه فيروس أنفلونزا الأنظمة العربية والاسلامية من حالات الاصابة بالاسهال والغثيان السياسي، ففي هذا الوقت الذي تتضاعف فيه جهود أوروبا لتوسيع دائرة اتحادها، نرى كيف نجح هذا الفيروس اللعين في رفع درجات الحرارة مع الحوثيين في اليمن، وكيف تمكن من قتل أربعة وزراء من الحكومة الصومالية دفعة واحدة، وكيق مكّن من تفجير جهات عدة بباكستان، وأودى بحياة المئات من أهلها، وكيف تمكن من توتير العلاقات بين الشعبين الجزائري والمصري، وكيف استطاع الفيروس أن يعيد اللهب المشتعل الى بغداد، وكيف دوّخ النظام المصري وجعله يفكر في بناء جدار عازل مع إخواننا الفلسطينيين في غزة، لمنع تهريب الدواء والغذاء للفلسطينيين، وكيف استطاع هذا الفيروس أن يُنسي شعوبنا في أمهات القضايا المصيرية، ففي الجزائر، لم نعد نتكلم الا لغة كرة القدم، ولم نعد نتدوق الا طعم الأهداف، ونسينا مشكلات آلاف الشبان الذين ينتحرون يوميا في أعماق البحار، في مغامرات الموت المنظم التي نُطلق عليها تسمية الحرّاقة، ولم تعد أعيننا ترى تراكمات العبث السياسي والاقتصادي، وزبالة الفساد التي فاحت روائحها في كل مكان، وفي مصر الشقيقة نسي إخواننا أن 3 ملايين مصري يعيشون مع الأموات، وأن الملايين يتدافعون ويتقاتلون للفوز برغيف الخبز، وهي الظاهرة التي تعيشها كل ربوع العالم العربي والاسلامي، في هذا الوقت الذي يفعل فيه فيروس الأنظمة فعلته، نرى ونلحظ كيف أن الصهاينة سارعوا الى توفير اللقاحات، فقد صادق الكنيست الصهيوني على مشروع قانون يُلزم الحكومة الصهيونية بالحصول على أصوات 80 نائب صهيوني أو اللجوء الى الاستفتاء عند اتخاذ أي قرار بالتنازل عن الأراضي العربية المحتلة لأصحابها، هكذا إذن صنّعنا فيروس الأنظمة العربية في مخابر الفساد والخيانة والسفاهة، وتركنا الآخر يُحضر اللقاحات حتى لا تنتقل إليه العدوى، فحتى نظام أوباما الفائز والمتوج بجائزة نوبل للسلام، ردّ علينا بإرسال عشرات آلاف الجنود الأمريكيين الى أفغانستان في خطوة سلام تقيه تداعيات فيروس أنفلونزا الأنظمة العربية والاسلامية.. لا أجد نفسي اليوم كعربي إسلامي الا في موقع من يبتغي العلاج من المرض الذي سبّبته لي ولمئات الملايين من العرب والمسلمين أنفلونزا الأنظمة إياها، والتي باتت تُخيرني وتُخيرنا جميعا إما بالحجر الصحي او الموت بالوباء.